بقلم جمال السباعي
مع كل صيف، تتكرر الدعوات في العرائش لإيقاف مهرجان صيف العرائش وتحويل ميزانيته إلى إصلاح الطرق أو تجهيز المستشفى أو تشغيل الشباب. أصوات ترتفع بحماس، لكن المشكلة أن هذه المطالب تستند إلى سوء فهم لطبيعة الميزانية والجهة الممولة لها.
ميزانية المهرجان تأتي من وزارة الثقافة، التي تخصص سنويًا مبالغ لدعم الفعاليات الفنية والثقافية عبر مختلف المدن المغربية. هذه الاعتمادات المالية مقيدة ولا يمكن قانونيًا تحويلها إلى شق طريق أو شراء أجهزة طبية أو تمويل مشاريع تشغيل، لأن هذه الملفات تقع تحت اختصاص المجلس الجماعي، وزارة الصحة، وزارة التجهيز، وزارة التشغيل وغيرها من المؤسسات.
وللتوضيح فإذا كانت ميزانية المهرجان 3 ملايين درهم، فإن إلغاؤه لن يضيف درهمًا واحدًا إلى ميزانية المستشفى أو المجلس البلدي، بل سيتم تحويل المبلغ إلى مهرجان آخر في مدينة أخرى، مثل تطوان أو مرتيل، التي ستجني فوائد اقتصادية وسياحية نحن في أمسّ الحاجة إليها.
خلال أيام المهرجان العشرة، تشير تقديرات رسمية إلى أن عدد الزوار قد يتجاوز 500 ألف شخص، حيث وصل في أيامه الثلاثة الأولى هذا الموسم إلى 120 ألف، الأرقام التي تنعكس مباشرة على الفنادق والمطاعم والمقاهي والنقل والتجارة المحلية، حيث يمكن أن يضخ النشاط الاقتصادي ملايين الدراهم في السوق المحلية خلال فترة قصيرة. أضف إلى ذلك، فرص العمل المؤقتة التي يستفيد منها عشرات الشباب في مجالات الأمن والتنظيم والخدمات التقنية.
المهرجان أيضًا يرفع السمعة السياحية للمدينة على المستوى الوطني والدولي، ويجعل اسم العرائش حاضرًا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، ما قد يجذب مستثمرين أو سياحًا لاحقًا.
إذن، بدل المطالبة بإلغاء المهرجان، الأجدر أن نوجّه جهدنا إلى الضغط على الجهات المسؤولة مباشرة عن الطرق، المستشفيات، وفرص الشغل، مع الاستفادة في نفس الوقت من المهرجان كأداة لتنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز صورة المدينة.
التنمية الحقيقية ليست في إلغاء حدث ثقافي، بل في تكامل الجهود بين الثقافة، البنية التحتية، والصحة، لأن مدينة بلا ثقافة تبقى مدينة فقيرة في روحها، حتى وإن كانت طرقها معبدة ومستشفياتها مجهزة.
العرائش 24