لماذا نرفض حراك جيل زد رغم عدالة مطالبه؟

شهد المغرب في الأيام الأخيرة ما يسمى بـ”حراك جيل Z”، حيث خرج عدد كبير من الشباب في مدن متعددة بدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بتحسين الصحة والتعليم. وهي مطالب مشروعة لا يختلف عليها أحد، بل هي من أساسيات أي مجتمع يريد التقدم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يكفي أن تكون المطالب عادلة ليكون الحراك ناجحًا؟ الجواب هو لا.

ولكي يكون أي احتجاج شعبي قادرًا على إحداث تغيير حقيقي، يجب أن تتوفر فيه عدة شروط أساسية:

  1. وضوح المطالب: أن تكون دقيقة وقابلة للتنفيذ، وليس شعارات عامة.
  2. القيادة والتنظيم: وجود تنسيقيات أو وجوه معروفة تحاور باسم المحتجين.
  3. القدرة على فرض السلمية والانضباط: لأن العنف يحوّل أي تعاطف شعبي أو إعلامي إلى إدانة.
  4. التدرج والاستمرارية: الضغط المنظم والمتواصل بدل الانفجار الفوضوي.
  5. الشرعية: أن يكون الحراك ضمن إطار القانون، ويعكس إرادة جماعية واضحة.

وبالنظر إلى حراك جيل زيد، يتضح غياب معظم الشروط الكفيلة بتحقيق المطالب، مقابل حضور شروط تهدد بتقويض مكتسبات المجتمع المغربي التي راكمتها أجيال متعاقبة، وتدفع به إلى حافة انتكاسة تعيده خطوات كبيرة إلى الوراء.

فمطالب حراك جيل زد كانت عامة جدًا: تحسين الصحة والتعليم، دون توضيح كيف أو ما هي الخطوات مع غياب قيادة أو جهة واضحة: جعل الحراك مفتوحًا لأي طرف يريد الركوب عليه أو توجيهه (داخليا كان أو خارجي)، ما نتج عنه التحول السريع إلى أعمال عنف وتخريب وهو ما أضاع الهدف وأضعف شرعيته.

حراك جيل زد تغيب عنه البوصلة السياسية والاجتماعية: إذ لم يكن هناك تصور لما بعد الاحتجاجات وهو ما يفتح مجال للتصعيد مهما كانت الإستجابة.

التجارب السابقة التي عاشها جيلنا، وهو الجيل الذي شهد محطات عديدة مشابهة، علمتنا أن عدالة المطالب قادرة على تجييش الشارع وإشعال الشرارة الأولى، لكنها في غياب شروط النجاح قد تفتح المجال لتقويض ما بُني، وإن كان بسيطًا، عبر عقود طويلة.

فرفضنا لحراك جيل زد ليس لأننا ضد تحسين الصحة أو التعليم، بل بالعكس، لأنها مطالبنا جميعًا. لكن:

  • حراك بلا قيادة يتحول إلى فوضى.
  • حراك بلا سلمية يفقد مشروعيته.
  • حراك بلا رؤية واضحة يفتح الباب لمجهولين يوجهونه لمصالح أخرى.

إننا بحاجة إلى حركات احتجاجية واعية، منظمة وسلمية، قادرة على الضغط الذكي والمتدرج، لا إلى موجات غضب قد تجر البلاد إلى الفوضى.

المطالب المشروعة تحتاج إلى أدوات نضال مشروعة وذكية، وإلا تحولت من فرصة للتغيير إلى تهديد جدي يجعلنا نرى بقاء أطفالنا قادرين على الوصول إلى مؤسساتهم التعليمية أقصى أمانينا.

شاهد أيضاً

تأجيل البت في طلب عزل رئيس جماعة تزروت إلى جلسة لاحقة

أجّلت المحكمة الإدارية بطنجة، اليوم الخميس، الجلسة التي كان مقرّرًا أن تنظر خلالها في طلب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *