حراك جيل Z.. كيف بدأ ومن يقف خلفه

انطلقت شرارة ما بات يُعرف بـ”حراك جيل Z” من بوابة مستشفى أكادير، حين أُطلقت دعوة للاحتجاج الشعبي يومي 27 و28 شتنبر الجاري. حراك لم يأتِ من جهة سياسية معلنة، ولا يحمل خطاباً مؤدلجاً أو أيديولوجياً، بل هو تعبير عفوي عن غضب جيل جديد وجد نفسه يرفع شعارات تتجاوز السبل السياسة التقليدية حاملة مطالب اجتماعية أساسية: صحة وتعليم في مستوى يليق بالمغاربة.

استمد هذا الحراك اسمه من تجربة مشابهة في النيبال، حيث خرج شباب الجيل الأخير (Z) هناك للاحتجاج ضد منع وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يتحول المطلب من مواجهة قرار حكومي إلى إسقاط النظام برمته.

في السياق المغربي، يمكن القول إن جيل Z لم يأتِ بمطالب جديدة أو غريبة، بل أعاد تذكير الدولة والمجتمع بما هو بديهي: لا تنمية ولا استقرار من دون قطاع صحي متماسك وتعليم ذي جودة. هذه المطالب لم يختلف حولها اثنان منذ عقود، لكن ما يميز الحراك الحالي هو كونه خارج الاصطفافات السياسية، وعابراً للإيديولوجيات، وهو ما يجعله أكثر صدقية في أعين الشارع، وأكثر إلحاحاً في آذان صناع القرار.

السؤال الذي يتكرر مع كل موجة احتجاجية في المغرب هو: من يقف وراءها؟ جزء من التحليلات ينسبها لجهات خارجية، وأخرى لأحزاب داخلية أو جماعات مغضوب عليها. لكن بالعودة إلى الجذور، يظهر أن ما أطلق الحراك ليس سوى الوضع الصحي المتأزم محلياً في أكادير والمتشابه مع باقي المدن المغربية، إلى جانب تأثير النموذج النيبالي دولياً، أي أن الدافع الأساسي هو الظرف المحلي والإلهام الدولي، لا أكثر. ومع ذلك، تبقى إمكانية استغلال هذه الدينامية واردة من أطراف عدة، وهو ما يستوجب حذر الدولة في إدارة الموقف.

التحدي أمام الحكومة وأجهزة الدولة اليوم ليس أمنياً بقدر ما هو اجتماعي وتواصلي. فالتضييق أو الإهمال قد يدفع بعض الأطراف إلى محاولة تأجيج الحراك ورفع سقف مطالبه. أما الاستجابة الجدية، فتبدأ من خطوات ملموسة: محاسبة الفاسدين في قطاعي الصحة والتعليم، تخصيص ميزانيات كافية لإصلاحهما، مراجعة القوانين المعيقة، والتواصل الصادق مع الشارع. وفوق ذلك، فإن التعامل الأمني المتفهم، بعيداً عن التصعيد، سيبعث برسائل طمأنة إلى جيل فقد ثقته في المسؤولين ولا يقتنع بتبريرات التقارير الرسمية.

إن “حراك جيل Z” ليس تهديداً بقدر ما هو فرصة. فرصة لإعادة ترتيب الأولويات الوطنية، بعيداً عن التجاذبات السياسية، ووضع الصحة والتعليم حيث يجب أن يكونا: في قلب المشروع التنموي المغربي. وإذا ما استوعبت الدولة هذا الدرس، فإن هذا الحراك قد يتحول من احتجاج عابر إلى نقطة تحول إيجابية في علاقة الجيل الجديد بمؤسساته.

شاهد أيضاً

تأجيل البت في طلب عزل رئيس جماعة تزروت إلى جلسة لاحقة

أجّلت المحكمة الإدارية بطنجة، اليوم الخميس، الجلسة التي كان مقرّرًا أن تنظر خلالها في طلب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *