بقلم عزيز العليكي
يشهد المغرب ظاهرة تزايد العدد المقلق لـ”الموظفين والموظفات الأشباح”، الذين يتلقون رواتب ومزايا دون أداء أي عمل فعلي. تعد هذه الظاهرة نوعًا من الفساد الذي يتسبب في استنزاف المال العام، حيث يتمتعون بترقيات ويحصلون على منح وتعويضات في المناسبات الخاصة، ثم يتظاهرون بانتمائهم لنقابات العمل عندما تتجه إليهم الأنظار.
ومع تصاعد المطالب لحق العمل كحق دستوري، أصبحت الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول مناسبة لهذه التحولات التي تشهدها البلاد، نتيجة الضغط القوي الذي يمارسه لوبي سياسي فاسد يحمي هؤلاء الموظفين الأشباح.
وقد أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالحكامة والشؤون العامة، محمد نجيب بوليف، بناءً على المعطيات، أن عدد هؤلاء الموظفين في الوظيفة العمومية يتراوح بين 70 و90 ألف شخص، من إجمالي 800 ألف منصب في القطاع العام، أي ما يشكل بين 10 و12٪ من إجمالي العمالة العمومية بالمغرب. وأشارت مصادر رسمية في رئاسة الحكومة إلى أن هناك 500 ألف منهم يتقاضون رواتب تتجاوز 9800 مليار سنتيم، أي ما يعادل ثلث ميزانية الحكومة، وذلك على غرار الموظفين الحقيقيين، في ظل غياب تقارير رسمية أو دراسات موثوقة بها.
تظهر الجماعات الترابية في المرتبة الأولى من حيث استضافة هؤلاء الموظفين الأشباح، تليها وزارة المالية ووزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب والرياضة، وثم وزارة الثقافة. ويتزايد عدد الموظفين الأشباح مع تصاعد حدة المطالب الاجتماعية، وعلى رأسها حق العمل كحق أساسي يكفله دستور الدولة في فصله 31.
إن الموظفين والموظفات الأشباح يمثلون شردمة تأكل المال العام بالباطل، ولا يُطبق عليهم أحكام القانون 12.81 الذي يتعلق بالاقتطاع من رواتب موظفي وأعوان الدولة الغائبين عن العمل بصورة غير مشروعة. ومن الضروري أن تتخذ الدولة حلولًا فعالة لمكافحة هذا الفساد واستعادة النزاهة في الجهاز الحكومي، وذلك من خلال تعزيز الرقابة وتطبيق العقوبات على المتورطين في هذه الظاهرة الضارة. كما يجب على السلطات القضائية والأمنية التحقيق في هذه القضية وتقديم المسؤولين إلى العدالة، لضمان حماية المال العام ومكافحة الفساد بكل أشكاله.