ردا على رد الرئيس: ما هكذا “تورد المسؤولية” سيدي الرئيس

بقلم م. ص.

يبدو أن رد رئيس الجماعة على الجدل الواسع الذي أثير حول قرار وضع علامات “منع التوقف” أمام منزل أسرته يثير العديد من التساؤلات، ويكشف عن فهم مشوه لماهية المسؤولية الملقاة على عاتقه كممثل للساكنة .

ففي الوقت الذي أكد فيه الرئيس في جريدة الأخبار أن القرار “عادي وقانوني”، نجد أن جوابه يتجاهل المبادئ الأساسية التي يجب أن تقنن عمل أي مسؤول في دولة المؤسسات، حيث الحق والقانون والمساواة بين المواطنين واجب و الحق حق أن يتبع. و بالتالي فإذا كان الهدف من القرار هو تسهيل وصول الرئيس إلى منزل عائلته، فلا يمكن أن يكون هذا مبررًا كافيا لتخصيص أماكن لركن سيارات العائلة أمام منزل معين ، خاصة إذا كان هذا المنزل ليس مسكنه الأصلي.

اعترف الرئيس بنفسه أن هذا المنزل هو منزل عائلته وهو يزوره بين الحين والآخر بمعنى أن الزيارات تكون مؤقتة، مؤكداً أنه منزل والدته المتوفاة، رحمها الله، ومجيؤه إليه باعتباره منزل الأسرة الذي نشأ فيه يكون بين الفينة والأخرى. وهذا يعيد طرح تساؤلات حول مدى تضارب المصالح الشخصية في اتخاد هكذا قرار، خصوصًا عندما يستغل منصبه لتوجيه هذا الطلب، حيث لجأ – على حد قوله- إلى المسطرة القانونية مقدماً طلبًا لنفسه بصفته رئيس الجماعة، وبالتالي وقع القرار كما تقتضي القوانين. هنا يطرح السؤال، هل المواطنين سواسية أمام هذا الاجراء؟ هل يحق لكل المواطنين وكافة الموظفين الساميين و المنتخبين تقديم نفس الطلب لنفس الرئيس بنفس الحجة؟ فيسيطر الجميع على كل الأرصفة!

ولعل ما عزز الانتقادات الواسعة هو غياب المساواة والشفافية في تنفيذ القرار. فإذا كان تنظيم السير والجولان والوقوف أمام المنازل أمرًا ضروريًا لتخفيف معاناة الساكنة، فيجب أن يشمل هذا الإجراء الجميع و أن يعمم، وليس استثناءً لبيت الرئيس فقط. كان من الأجدر أن يتم تطبيق الإجراء على المدينة بأكملها، مع صباغة الأرصفة بالأبيض والأحمر، حتى لا يُفهم القرار كامتياز خاص لشخص واحد بحكم منصبه. ثم إن من الأهمية بمكان التأكيد على أن قرارات من هذا النوع تتطلب وضوحًا وشفافية أكبر في الإجراءات المتبعة. حيث من باب درء الشبهات كان على الرئيس نشر الوثائق المتعلقة بالطلب بشكل علني أو على الأقل رقم القرار عند تركيب اللافتات وليس بعد أسبوع من ذلك، كما جرت العادة.

أسئلة أخرى تطرح في هاته الواقعة، من قبيل: هل قامت اللجنة المختلطة بالمعاينة المكان المعني لتقييم الطلب تطبيقا للقانون؟ هذه أسئلة مشروعة يجب على رئيس الجماعة الإجابة عنها بوضوح لضمان الشفافية والمصداقية، ولتأكيد احترام مبدأ تكافؤ الفرص والحق في الحصول على المعلومة و الإمتثال للقوانين الجاري بها العمل كما نص على ذلك دستور المملكة المغربية الشريفة.

إن جواب رئيس الجماعة يعكس غياب الحس الإداري السليم الذي يراعي تساؤلات الساكنة، الذي يجب أن يتسم به أي مسؤول، و الإلتفاف على مبادئ المساواة في تطبيق القوانين لا يعزز الثقة بين المواطنين والمؤسسة المنتخبة، بل يعمق الفجوة بين المنتخبين والمواطنين، ويعزز الشعور بالظلم والتمييز والحكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *