حمزة داوود
لا يعرف ما إذا كانت زيارة رئيس جماعة العرائش إلى السوق المركزي” البلاصا” حاسمة أم لا في الحد من العبث، بحيث ستكون بمثابة نقطة نهاية للجدل الكبير الذي إشتعل في الأوساط الجمعوية التي تدافع عن التراث والتاريخ الحضاري لمدينة العرائش.
وأصيب عدد من المواطنين بصدمة كبيرة، بعد أن نشر الناشط الجمعوي رشيد بوغابة، صورا على الفايسبوك الخاص به، تظهر بناء جدران بشعة بالآجور والإسمنت، في جوانب مدخل السوق المركزي “البلاصا” الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن 17 ميلادي.
من جانبه نوه عبد الرحمن اللنجري رئيس جمعية اللوكوس للسياحة المستدامة، بخطوة رئيس جماعة العرائش مومن الصبيحي، والذي أكد حسب تدوينته ” إيقاف أعمال البناء العشوائي داخل السوق المركزي “الپلاصا” إحتراما للذاكرة الجماعية.
وكتب اللنجري أيضا ” إنها خطوة جيدة لتجنيب المدينة مزيدا من التشويه على مستوى مبانيها التاريخية”. مشددا على ضرورة أن يتم “التعامل بصرامة مع أي شكل من أشكال تشويه المعالم المعمارية، وأن يلتزم باعة السمك والخضر بالمساحة المخصصة لهم، كما هو الحال في كل المدن المتمتعة بروح التمدن.”.
ويستغرب العديد من الزوار والزبناء كيف حول باعة السمك مدخل السوق المركزي “البلاصا” إلى برك عفنة وآسنة تنبعث منها روائح كريهة بسبب عرضهم الأسماك بطريقة عشوائية بدائية، ويحتلون الرصيف بشكل مبالغ فيه، على عكس ما كان عليه سابقا، بحيث كان باعة الأسماك داخل محلاتهم بطريقة منظمة وجميلة.
وفي الماضي كان مدخل السوق المركزي، يعج بباعة الورد والزهور، أما حاليا تضطر العديد من النسوة لرفع جلابيبهن وتنوراتهن الطويلة، حتى لا تبتل بسبب تكون برك من المياه العفنة الكريهة، والتي يلقيها باعة السمك على الأرض مباشرة.
وكتب الناشط الجمعوي عبد اللنجري إن تدخل جماعة العرائش في ترميم السوق المركزي البلاصا يجب أن لا يمشي ” ضدا على استراتيجية الدولة في صون المعالم التاريخية والمباني ذات الطابع المعماري المتميز”. متسائلا فيما إذا كانت العرائش “خارج معركة صون الموروث التاريخي، ومستمرة في طمس وتشويه المعالم التاريخية وهذه المرة بناية السوق المركزي.”
الجدير بالذكر أن السوق المركزي بشكله الحالي يعود لسنة 1924، حينها تم البدء في بناء سوق، وفي سنة 1925 تم إعادة تصميمه وفي عام 1927 بعد توجيه المهندس ” LEON ORZAIS”، والذي قام ببعض التغييرات في النموذج النهائي للصرح، وسرعان ما تم الانتهاء من أعماله في عام 1928، تحت إشراف المهندس الثاني ” ANDRES GALMES NADAL”.
وفي وقت سابق، كتب محمد عزلي رئيس جمعية أرشيف العرائش، بأن السوق المركزي، هو صرح معماري بهندسة متميزة، وطابع موريسكي أنيق، تبلغ مساحته 3600 متر مربع، وهو واحد من أهم المباني التي أقدمت الحكومة الإسبانية على تشييده بالعرائش، وتحديدا بمنطقة الحي الإسباني المحاذية لناصية المحيط.
ويقول عزلي في مقال كتبه، بأن السوق المركزي ” البلاصا”، مبني بطريقة هندسية غاية في الجمال، وتم بناؤه بأمر ملكي مباشر من مدريد، أصدره عاهل إسبانيا (فليبي الثالث) عند احتلال العرائش. وجاء في إطار مشروع التوسعة الذي خططه المستعمر الإسباني فور احتلاله للعرائش سنة 1911.
ويعد السوق المركزي بحق أحد رموز المدينة، لجماليته المعمارية، وكذلك لموقعه وسط المدينة مشكلا قطعة فنية داخل منظومة المتحف الكولونيالي، الموريسكي، المغربي المميز لمدينة العرائش التاريخية.