ثلاث سنوات على إعادة فتح معبر سبتة: المغرب يرسخ سيادته وينهي عهد “التهريب المعيشي”
بعد مرور ثلاث سنوات على إعادة فتح معبر سبتة المحتلة، يواصل المغرب تنفيذ مقاربته التنظيمية الجديدة، التي أرست قواعد صارمة لتدبير هذا الممر الحدودي الحساس، واضعةً بذلك حدًا لنمط العبور السابق الذي كان يطغى عليه الطابع الفوضوي والاقتصاد غير المهيكل.
فعلى الأرض، يُخضع المسلك المخصص للمسافرين القادمين من المدينة المحتلة باتجاه الداخل المغربي لرقابة دقيقة، حيث تسهر عناصر الجمارك والأمن الوطني، مدعومة بكاميرات حرارية وأجهزة مسح محمولة، على فحص كل الأمتعة دون استثناء، بما في ذلك المواد الغذائية البسيطة. وأكد مصدر جمركي أن “التعليمات واضحة: لا تساهل مع محاولات التهريب المقنع، كيفما كان نوعها أو حجمها”.
وفي محيط المعبر، اختفت المظاهر التي كانت تميز معبر باب سبتة قبل إغلاقه سنة 2020، إذ لم يعد مشهد النساء العاملات في التهريب المعيشي أو الحمل اليدوي للبضائع حاضرا ضمن المشهد اليومي، بعد أن أُغلقت قنوات هذا النشاط غير المنظم بقرارات سيادية متدرجة.
ويأتي هذا التحول في إطار سياسة مغربية شاملة تهدف إلى تنظيم المنافذ الحدودية بما يتماشى مع متطلبات التنمية الاقتصادية للمناطق المجاورة، خاصة عمالة المضيق الفنيدق. وقد استفادت هذه الأخيرة من مشاريع بديلة خلال السنوات الخمس الماضية، شملت إحداث منطقة صناعية موجهة للأنشطة التصديرية، فضلا عن مراكز تأهيل مهني تستهدف إدماج الشباب في سوق الشغل.
ورغم الأصوات المتزايدة داخل المدينة المحتلة، خاصة من بعض الهيئات المحلية والإعلامية الإسبانية، للمطالبة بإعادة “المرونة القديمة” في العبور، تلتزم الرباط الصمت وتستمر في تنفيذ تصورها الجديد، الذي لا يضع “السلاسة” ضمن أولوياته، بل يعتبر التحكم في المداخل جزءا من ترسيخ السيادة الوطنية.
ويرى مراقبون أن المغرب طوى نهائيًا صفحة المعبر بوصفه شريانا للاقتصاد غير المهيكل، ويؤسس لمرحلة جديدة تقوم على معابر منظمة ومنضبطة، لا مكان فيها للممارسات القديمة أو الاستثناءات التي طالما استفاد منها سكان سبتة في السابق.