فتاة ضائعة تبحث عن أهلها، المرجو المساعدة ولو بالبارطاج

الصورة للالة زوينة بعين شقة من إعداد حسام الكلاعي

بقلم جمال السباعي

بين زوايا الحنين وصرخات الأماني المكبوتة تتجول طفلة تائهة في أزقة شمال بلد عريق على ضفاف نهر عظيم وأمواج أطلس ثائر، تبحث عن أثر وجود عائلتها في هذا الضباب الملتهب الذي أصبحت تحمله المدينة. كم أنها تشبه تلك الطفلة المفقودة بين ركام الماضي وأنقاض الحاضر، لا تجد طريقها في هذا الظلام الذي غطى الشوارع الضيقة والممرات المهترئة.

تعاني المدينة الجميلة، العرائش، من غياب أهلها، وحيدة كالفراشة الضائعة في عتمة الليل، تنتظر بلهفة لمسة الحنان وصوت الأمان الذي فقدته بين تلك الشوارع الملتبسة. فما أجملها هذه المدينة بحسبان مناظرها الخلابة، ونهرها العظيم وتاريخها المتجدر في أعمدة الحضارات الغابرة، تتجول بين هضابها الخضراء، ولكن ما أبشع تسيير مسؤوليها، وتدنيسهم لجمالها الطبيعي، تعيش في تيه بين مدن مغربها في أقصى يابسة الأرض.

هي كفتاة جميلة متشردة، تعاني غياب أهلها الكثر، بعدما وضعتهم على كراس ظنت يوما أن جلوسهم عليها سيحيي فيهم حنان الأهل، لم تجد من يمد لها يد العون، تبحث عن قلب واحد يشعر بألمها ويساعدها على العودة إلى بر الأمان. تنتظر، بغصة في قلبها، عودة الحياة إلى شوارعها الهادئة، وعودة البياض إلى أروقتها الخلابة.

لكن الأب عاق والإخوة عصابة، باعوا إرثتها الجميل ودنسوا تيابها البيضاء، ونهبوا رزقها الوفير وألقوا بها في شوارع باردة، فارغة من الحياة، تبحث عن أثر عائلتها بين زحام النسيان وغياب الإهتمام، تحمل وحدها عبءا ثقيلا على كاهلها الصغير، وتنتظر يوماً جديداً، عسى أن تجد فيه ملجأ وعائلة تحتضنها وترعاها كما تستحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *