دور المكتب الصحي الجماعي في الحفاظ على الصحة والنظافة والبيئة
بقلم عزيز العليكي
يوجد في كل جماعة ترابية مكتب بلدي لحفظ الصحة والنظافة والبيئة، ويعد من المصالح التابعة للبلدية أو الجماعة، ويسمى المكتب الصحي الجماعي أو المكتب البلدي لحفظ الصحة. ولا يقتصر دور هذا المكتب على مجرد مراقبة الوفيات وتدوينها في سجلات خاصة بذلك، وتسليم رخص الدفن ونقل الأموات وتسليم شواهد الوفاة ومحاربة الحشرات والكلاب الضالة مثلما يعرف عليه.
فالمكتب الصحي الذي يعمل تحت إمرة رئيس المجلس الجماعي، باعتباره رئيس المرفق الذي هو الجماعة ومسؤول عن تفعيل أنشطته في نطاق خدمات القرب، وفقا لما جاء بالمادة 83 من الفصل الثاني من القانون التنظيمي رقم 113-14 المتعلق بالجماعات، والمادتين 50 و52 من الميثاق الجماعي المغير والمتمم بمقتضى القانون رقم 01.03 والقانون رقم 17.08 والقانون رقم 78.00، جاء بمجموعة من التدابير لتقوية دور رئيس الجماعة وجعل اختصاصات شاملة لضمان الرقابة الصحية والنظافة وحماية البيئة داخل تراب الجماعة، بما في ذلك التقرير في تنظيم هذا المكتب وضمان أداء وظيفته.
ويتوفر هذا المكتب على اختصاصات واسعة، من بينها إبداء الرأي في طلبات رخص البناء وشهادة المطابقة وطلبات الرخص التجارية، ومراقبة صحة البنايات، والمحافظة على النظافة والصحة العمومية والبيئة والمواد الغذائية، وإعداد تقارير حولها، والقيام بكل عمل يدخل بطبيعته في مجال اختصاصاته، باعتباره مرفقاً من المرافق العمومية الجماعية التي تؤدي وظيفة ذات نفع عام.
ويمكن القول إن المكتب الصحي الجماعي يعتبر الجهاز الأول فيما يتعلق بتطبيق القرارات الجماعية المتعلقة بالمحافظة على النظافة والصحة العمومية، ويتكلف برفع التقارير التي تتضمن نتائج مراقبته، ولو بدون طلب من الرئيس، كلما تبين وجود تداعيات خطيرة على سلامة وصحة المواطنين، أو تقصير من رئيس المجلس الجماعي في التدخل عن طريق إصدار مقررات طبقاً للقوانين المعمول بها وتنفيذها، باعتباره ممارساً للشرطة الإدارية في مجالي المحافظة على الصحة العامة والسكينة العمومية، وفقاً لما جاء به القانون رقم 78.00، الذي وضع حداً للإشكالات المطروحة بين اختصاصات المجلس الجماعي والسلطة المحلية في التدخل لضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة.
وعلى هذا الأساس، يعتبر المكتب الصحي الجماعي طرفاً متدخلاً ويتحمل جزءاً لا يستهان به من المسؤولية في مدى سلامة التراخيص ذات الصلة بالوقاية الصحية والنظافة العمومية، التي تتطلب تدخله القبلي عن طريق مراقبة احترام الضوابط الصحية التي تشكل قاعدة من أجل الحصول على شواهد أو رخص استغلال المحلات المضرة والمزعجة. ويهدف هذا التدخل إلى الوقاية من الأخطار المتوقعة وحتى غير المتوقعة، وإن كان رئيس المجلس الجماعي المتحمل الأول لكل المسؤولية بحكم القانون.
ويتضح مما سبق، أنه رغم جعل المشرع المكتب الصحي البلدي مؤهلاً للقيام بمجموعة من المهام والخدمات المتعلقة بإجراءات الوقاية وحفظ الصحة العامة وحماية البيئة، بما في ذلك إبداء رأيه بشأن تصاميم البناء، والتدخل أثناء الأشغال والإنجازات بهدف مراقبة مدى مطابقتها للتدابير الأمنية واحترامها للضوابط الصحية التي تخول له منح الشهادة الصحية، فإن مهامه تظل باهتة وغامضة في ظل مجلس جماعي غير منتج يساهم بشكل كبير ـ إن لم أقل مقصود ـ في تعطيل أنشطته وتجميدها، وذلك بجعله يقوم بدور شكلي يشبه دور الحلزون الذي يظهر أثره من لعابه، بدل القيام بالدور المنوط به بمقتضى القوانين المعمول بها، الأمر الذي تنتج عنه تداعيات خطيرة على سلامة وصحة المواطنات والمواطنين والبيئة.