جمعية أشبال المدينة القديمة: شعلة التغيير في دروب العرائش المنسية

جمعية أشبال المدينة القديمة: شعلة التغيير في دروب العرائش المنسية

في زوايا العرائش العتيقة، حيث تتلاقى همسات التاريخ مع هدير الموج، وعبق الذاكرة مع نداء المستقبل، وُلد حلمٌ نقيّ، حلمٌ لا يشبه الأحلام العابرة، بل أشبه بصرخة ضمير أراد أن يحرر طفولةً كانت تختنق بين الأزقة. هناك بزغت جمعية أشبال المدينة القديمة، كنبضٍ حيّ في قلب أحياء أنهكها التهميش، وكسراجٍ يشق عتمة الإهمال، بقيادة رجل حمل الحلم كما يُحمل النور في عتمة الطريق: محمد الخراز.

البذرة الأولى: حين تصرخ الأرض بالعطاء

من رحم القبيبات، من خفقان القصبة، من تنهدات سوق الصغير وحنين باب البحر، نشأت فكرة لم تكن وليدة لحظة، بل كانت نتيجة تراكمات، آهات، وعيونٍ حزينة تتأمل من خلف نوافذ الطفولة المغلقة. رأى الخراز ما لم يره غيره؛ رأى أطفالًا تلتهمهم الهشاشة، وطاقاتٍ تذوي دون أن تجد صدًى. فكان لابد من الفعل، من المبادرة… وكان الحل: جمعية تحمل على عاتقها إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

النبض الأول: حين يتحول الإيمان إلى مسار

ولدت الجمعية من دون بهرجة، من دون ملاعب مكسوّة بالعشب الصناعي أو دعم مالي سخي، لكنها وُلدت بالإيمان، وذاك يكفي. إيمان بقدرة الأطفال على التغيير، بقدرتهم على النهوض، إن أُعطوا فقط مكانًا آمنًا، وفضاءً يحضن أحلامهم. تحت شعار “الرياضة، الأخلاق، والانتماء”، انطلقت الرحلة… وكان كل تمرين دعوة للحياة، وكان كل طفل مشروع قائد، لا مجرد لاعب.

التحدي: معركة النبل في وجه الإهمال

الصعاب لم تتأخر في الظهور، بل كانت الرفيق اليومي: ضعف الدعم، قلة التجهيزات، واللامبالاة من بعض الجهات… لكنّ الجمعية لم تركع. بل قاومت، وتقدّمت، وزرعت في تربة المدينة أملاً جديدًا. محمد الخراز، ببصيرته وحنكته، جعل من كل عائق سُلّمًا، ومن كل انتكاسة درسًا. الأطفال تغيّروا، ازدادوا وعيًا، وانبعثت فيهم روح القيادة والانضباط.

الرسالة: الرياضة ليست ترفًا… بل وسيلة للتحوّل

هنا، لم تكن الرياضة رفاهية، ولا ترفًا لتزجية الوقت. كانت وسيلة لبناء الإنسان. كانت سلاحًا سلميًا في وجه الجهل، والانحراف، والضياع. في كل تمريرة، كانت تبنى شخصية، وفي كل هدف، يُهدم جدار من اليأس. صار الأطفال سفراء لمدينتهم، ووجوهًا ناصعة لمستقبل لم يولد بعد.

الحلم المستمر: نحو مجتمع يعترف بمواهبه

أمل الخراز لم يقف عند تأسيس جمعية فقط، بل يتجاوز ذلك نحو حلم أكبر: أن تصبح أشبال المدينة القديمة نموذجًا وطنيًا في تنمية الطفولة والشباب. أن تتحوّل الجمعية إلى معهد يُعنى بالإنسان قبل اللاعب، بالروح قبل الجسد، وبالحلم قبل الإنجاز. نعم، الملاعب ما تزال قليلة، والدعم شحيح، لكن حين يسكن الإيمان القلوب، تصير العوائق محطات لا أكثر.

كلمة أخيرة: حين تُكتب الأحلام في عيون الصغار

هذه الجمعية ليست مجرّد ملعب، ولا يافطة على جدار الزمن. إنها صوت كل طفل لم يجد من يسمعه. إنها اليد التي امتدت حين انسحب الجميع. إنها محمد الخراز، وكل مؤمن بأن التغيير يبدأ من حي صغير، ومن فكرة بسيطة، ومن قلب كبير.

وما دام في العرائش أطفال، وما دامت في المدينة قلوب تنبض، فإن جمعية أشبال المدينة القديمة ستظل شعلة لا تنطفئ… ومشعلًا يهدي الخطى نحو وطن يستحق أبناءه.

شاهد أيضاً

العرائش: شجار دمـ.ـوي ينتهي بجـ.ـريمة قـ.ـتـل

العرائش: شجار دموي ينتهي بجريمة قتل… ومطالب بتفعيل الصرامة الأمنية لمواجهة العنف أنوار العسري شهد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *